الخميس، 6 أكتوبر 2016

الطالب الذي أبكى المعلم


روآها أحد مدراء المدارس لمدرسيه أثناء اجتماعه بهم في أحد الأيام بمكتبه وهو يناقش معهم أوضاع الطلاب،
وحث المدرسين بأن يقتربوا أكثر من تلاميذهم،ويشعروا بهمومهم،ويناقشوا مشاكلهم؛ قبل أن يعاقبوهم إذا بدر منهم أي تهاون أو تقصير في التزاماتهم المدرسية!!!
👈فيقول والحديث بلسانه :- 
كنت دائما ما أراقب الطلاب في الفترة المسائية أثناء انصرافهم من الطابور باتجاه فصولهم حتى يتم إخلاء الساحة المدرسية من كافة الطلاب؛
ثم أنتظر قليلا لأ فاجئ يوميا بطالبين أو ثلاثة متأخرين عن موعد الحضور!!
فأضطر إلى معاقبتهم وأسمح لهم بالإلتحاق ببقية زملائهم في فصولهم !!
ولفت إنتباهي أن طالباواحدا (محدد بعينه) يكون أحد هؤلاء الطلاب المتاخرين بشكل دائم يوميا !!!
(خلافاعن بقية الطلاب اللذين لايتاخر أحدهم بالعادة إلا لظرف طارئ)
فكنت حين أعاقبه بالعصى التى أحملها أرى على وجهه علامات الأسى والحزن!!
لكنه يتقبل العقوبةبمنتهى البساطة وينصرف الى فصله!!
وٱستمرت القصةعلى هذا النهج يوميا!!
وأنا أقلب الأمر في رأسي!!!
أي طالب عنيد هذا ؟!
وأي عقلية يحملها؟!
كيف يكون حزينا وهو يتلقي العقوبة،ولايسعى ليغير من حاله ويحضر الى المدرسة في الموعد المحدد ؟!
ومع هذا قررت أن أستمر في منهجي نحوه.. (تاخير=عقوبة) حتى يعدل من سلوكه !!
واستمرت الأيام على هذا الحال؛
دون أي تغيير !!
إلى أن قررت أن أخذ زمام المبادرةلحل المشكلة،
فاستوقفته ذات يوم قبل أن أعاقبه؛ وسحبته من يده الى مكتبي وسألته:
يا بني لماذا تتأخر كل يوم ؟
لماذا لاتحضر مثل بقية الطلاب قبل الطابور المدرسي؟!
إذاكانت العقوبة تأثرفي نفسك هكذا!
لماذا لا تغير من سلوكك ؟
سكت الطالب برهة من الزمن وهو يطرق بنظراته الى الارض ثم أجاب على إستحياء:
يا أستاذ أنا لا أتأخر عن المدرسة بأرادتي ! يا أستاذ ظروفنا المالية في المنزل سيئة،وقاسية،
ووالدي عاطل عن العمل،
أنا وأخي لا نملك إلا قميص مدرسي واحد هو يرتديه أثناء ذهابه إلى المدرسة في الفترة الصباحية؛وأنا أنتظر عودته على باب المنزل بفارغ الصبر لأخذه منه وأرتديه وأحضر إلى المدرسة،
وهذا سبب تأخري كل يوم! ومع هذا فإنك تعاقبني!!
وأنا لا أستطيع الإعتراض وأتقبل الأمرلأني لا أرغب في ترك المدرسة بسبب ضيق حالنا !!
يقول الأستاذوالحديث على لسانه:
والله إن الدنيا أظلمت أمامي لم أعد أرى أو أسمع شيئا!ً!
أحسست أن الزمن توقف عندهذه اللحظة؛
فقدت القدرة على الكلام والتفكير إلا من شريط الذكريات؛وأنا أعاقبه بالعصى على يديه على مدى تلك الأيام وهو يتألم من الضرب ومع هذا لايتحدث ولا يعترض!!
نزلت كلمات الطالب على مسامعي كأنهاضرب بسياط القهروالأسى
ولم أستطع أن أتمالك نفسي واندفعت الدموع من عيني بصمت!!
فسألته وصوتي يتحشرج في حنجرتي وكلماتي لا تطاوعني للخروج من فمي :
لماذا لم تخبرني بذلك يابني؟
أجاب وهو يطرق بناظريه إلى الأرض أمامه :
إنك لم تسألني ماالسبب؛ كنت تعاقبني فقط!!
عندئذ فقط أدركت فداحة ما إقترفته!!
أخذت الطالب من يده إلى فصله في ذلك اليوم فقط دون أن أعاقبه، وطلبت منه عند إنتهاء الحصص المدرسية أن يحضر إلى مكتبي وانصرفت..
وفي نهاية اليوم الدراسي حضر الطالب إليّ كما وعدني وأخذته معي في جولة إلى السوق واشتريت له قميص مدرسي جديد على حسابي الخاص،
فكم كانت فرحته بهذا القميص!!وكأنه قد نجح في إمتحان آخر العام الدراسي!!
واتجه إلى منزله مسرورا.
ومن ذلك اليوم الحاسم لم أشاهده إلا في مقدمة الطابور المدرسي منتشيا بهذا الانجاز .
يواصل الأستاذ حديثه :
كانت هذه الحادثة مفصلا هاماً في مسار نهجي التعليمي والتربوي؛؛
أدركت معها أن المعلم والمربي المثالي عليه أن يكون أولا أبا ًلطلابه قبل أن يكون مدرسا ًو معلما،ً
عليه أن يشعر بهم،ويناقش آلآمهم،وأوجاعهم، قبل أن يصدر عليهم أحكامه التى قد تكون جائرة وهو لايعلم!!
ايهاالمعلم...اترك اثرا

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Translate

أصدقاء المدونه

Blog Archive

يتم التشغيل بواسطة Blogger.